ورقة بحثية بعنوان
تمكين النساء في أجندةالمرأة والسلام والأمن
الفرص والتحديات
د. هدى علي علوي
لقد تم إحراز تقدم كبير في مجال المرأة والسلام والأمن خلال الأعوام الأخيرة، ويتم ادماج جدول أعمال المرأة والسلام والأمن بصورة متزايدة داخل منظومة الأمم المتحدة ولدى معظم الدول الأعضاء، ورغم ذلك لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجهها الدول وخاصة في مناطق النزاعات والصراعات المسلحة، وهذا يعني أن هناك الكثير مما ينبغي عمله لضمان ترجمة القرار الأممي المعني بالمرأة والسلام والأمن إلى ممارسات وإجراءات فعلية، بما في ذلك تحقيق العدالة.
وحيث أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أوصى الدول الأعضاء على تصميم وتطوير خطط عمل وطنية لوضع الاتجاهات العريضة لاستراتيجيات الحكومات المعنية بتنفيذ القرار 1325.
الجدير ذكره أنبعض الدول العربية قد تفاعلت بشكل إيجابي مع توجهات إعداد الخطط الوطنية ومنه االعراق وفلسطين والأردن. واليمن تعد إحدى الدول التي أدمجت مكونات عناصر القرار1325 لدى صياغة مخرجات الحوار الوطني -مثل تخصيص حصص لمشاركة المرأة السياسية-تناغمت مع أجندة القرار ومحاوره الأربعة، إلا أن البعض قال إنه لم تكن هناك معلومات كافية عن هذا القرار أثناء الحوار.
ونظراً لأن الجهات الحكومية والمنظمات المحلية غير الحكومية لم تكن على دراية كافية بهذا القرار حتى العام 2014 عندما أطلقت وزارة حقوق الإنسان سلسلة من ورش العمل التشاورية لوضع خطة عمل وطنية لتنفيذ القرار، وجرى هذا بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للمرأة، ووزارة الداخلية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام. إلاّ أن ورش العمل عُلِّقت في مارس/آذار 2015 نتيجة تفاقم النزاع المسلّح، ثم استأنفت في أغسطس/آب 2016، قبل أن تُعلّق مجدداً.
وفي إطار حراك نسوي حقوقي ومدني لعدة سنوات ومطالبهِ بضرورة وضع استراتيجية وطنية للمرأة والسلام والأمن، وشكلت قوة ضغط مجتمعية فتبنّت على أثرها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة المعترف بها دولياً في ديسمبر/كانون الأول 2019 للمرة الأولى خطة عمل وطنية، شارك في إعداد مسودتها الأولية عدد من خبراء وقادة المجتمع المدني، عدة ورش عمل وحلقات نقاشية لبلورة ركائز الخطة الوطنية كرؤية تنفيذية خاصة بتطبيق القرار 1325 خلال الفترة 2020-2022.كما جرى تعميمها لدى المنظمات النسوية والمجتمع الدولي.
لقد شكلت الخطة الوطنية للمرأة والسلام والأمن منطلق التزامات الحكومة تجاه القرارات الدولية وتحويلها إلى برامج وآليات إجرائية من شأنها تحقيق الظروف البنيوية لممارسات أفضل من أجل دعم وحماية وتمكين النساء لا سيما مع استمرار أمد الحرب وتداعياتها على أكثر من مستوى، فقد وضعت الخطة تدابير عملية وبرامج ومشاريع تستهدف تقليص الفجوة ومناهضة العنف ضد النساء وزيادة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار، وشملت كذلك آليات إدماج المرأة في كل هيئات ولجان السلام، والدفع باحتياجات النساء في خطط التنمية.
1.1. الخلفية:
لا تزال اليمن واحدة من أكبر الازمات الإنسانية في العالم، فهناك نحو 21.6 مليون شخص بحاجة ىشكل من اشكال المساعدة الإنسانية في العام 2023، حيث يعاني 80% من السكان من اجل الوصول الى الغذاء، ومياه الشرب الآمنة والخدمات الصحية الكافية. وتأتي هذه التداعيات كنتيجة لعدد من الازمات الطارئة المتداخلة التي تضرب البلاد من تفاقم أسباب الصراع والانهيار الاقتصادي الى الكوارث الطبيعية المتكررة والتدهور الحاد في الخدمات العامة. وتُعد النساء والفتيات من أشد الفئات تضرراً من مترتبات الحرب، كما تشكل النساء والأطفال حوالي 70% من 4.5 مليون نازح في اليمن. وتمثل الأسر التي تعيلها نساء حالياً 26% من اجمالي العائلات النازحة خلال سنوات الحرب. ويستمر تجذر السلوكيات الاجتماعية التمييزية ضد النساء وتمكينهن اقتصادياً واجتماعياً، مما يضاعف مؤشرات عدم المساواة بين الجنسين ويعيق وصول النساء الى الخدمات الاساسية.
وعلى الرغم منأن للمرأة اليمنية دورها المؤثر في الحياة العامة ومكانتها البارزة عبر التاريخ،إلا أن ذلك لم يترجم إلى تمثيل يلائم فعلياً طاقاتها الفعلية، إذ عكست الممارسةالسياسية واقعا هشا لمشاركة المرأة وعوامل مثبطة لتمكينها من الوصول إلى مفاصلالسلطة وصناعة القرار، في ضل إقرار التشريعات الوطنية بالحقوق العامة للنساء علىالسواء مع الرجال إلا أن ذلك كان ومازال محكوماً بإشكاليات الواقع وتعقيدات المشهدما بعد الحرب، والذي ألقى بظلاله الكثيفة على زيادة معاناة المرأة وإقصاءها بعد أنخسرت بعض المكاسب التي نالتها الحركة النسوية في الأشهر الأخيرة عشية انفجارالصراع.
في العام 2019بدت الفرصة مواتية مرة أخرى للنهوض بالمرأة من خلال العمل على الأهداف التي رسمتهاالخطة الوطنية والتي استندت أساساً على أجندة المرأة والسلام والأمن في قرار مجلسالأمن الدولي رقم 1325، ففي مايو من العام 2020 أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعيةوالعمل بيان يشير إلى تدشين العمل بالخطة الوطنية للمرأة والسلام والأمن، وإيماناًبدورها في إحداث التغيير وتعزيز فرص تمكينها واسهامها في تحقيق السلام كونها صاحبةالمصلحة الحقيقية في نزع فتيل الحرب وضمان الأمن والاستقرار.
وفي هذا الصددفقد تم تشكيل لجنة استشارية برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل والتي تتكون من18 عضواً يمثلون الوزارات ذات العلاقة بتنفيذ أجندة المرأة والسلام والأمن ومؤسساتالمجتمع المدني النسوية والشبابية والقطاع الخاص وأكاديميات ومدافعات عن حقوقالنساء والفتيات والفئات المهمشة بما فيها ذوي الاحتياجات الخاصة.
https://docs.google.com/document/d/1JjNVcW2v2LieMxQzGY8tIL-TYdZalM7geBccwiW_pl4/edit?usp=sharing